responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 376
[سورة إبراهيم (14): الآيات 42 الى 43]
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (43)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وَهَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَعْجَبَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمُخَالَفَتِهِمْ دِينَ إِبْرَاهِيمَ، أَيِ اصْبِرْ كَمَا صَبَرَ إِبْرَاهِيمُ، وَأَعْلِمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَذَابِ لَيْسَ لِلرِّضَا بِأَفْعَالِهِمْ، بَلْ سُنَّةُ اللَّهِ إِمْهَالُ الْعُصَاةِ مُدَّةً. قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: هَذَا وَعِيدٌ لِلظَّالِمِ، وَتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ. (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ يُمْهِلُهُمْ وَيُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" يُؤَخِّرُهُمْ" بِالْيَاءِ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِقَوْلِهِ:" وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ". وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالسُّلَمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا" نُؤَخِّرُهُمْ" بِالنُّونِ لِلتَّعْظِيمِ. (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أَيْ لَا تُغْمَضُ مِنْ هَوْلِ مَا تَرَاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. يُقَالُ: شَخَصَ الرَّجُلُ بَصَرَهُ وَشَخَصَ الْبَصَرُ نَفْسُهُ أَيْ سَمَا وَطَمَحَ مِنْ هَوْلِ مَا يَرَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَشْخَصُ أَبْصَارُ الْخَلَائِقِ يَوْمئِذٍ إِلَى الْهَوَاءِ لِشِدَّةِ الْحِيرَةِ فَلَا يَرْمَضُونَ. (مُهْطِعِينَ) أَيْ مُسْرِعِينَ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وسعيد بن حبير، مأخوذ من أهطع يهطع إهطاعا إِذَا أَسْرَعَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ" [1] [القمر: 8] أَيْ مُسْرِعِينَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ ... بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
وَقِيلَ: الْمُهْطِعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي ذُلٍّ وَخُشُوعٍ، أَيْ نَاظِرِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْرِفُوا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ:" مُهْطِعِينَ" أَيْ مُدِيمِي النَّظَرِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ: أَهْطَعَ إِذَا أَسْرَعَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَكُونُ الْوَجْهَانِ جَمِيعًا يَعْنِي الْإِسْرَاعَ مَعَ إِدَامَةِ النَّظَرِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمُهْطِعُ الَّذِي لَا يرفع رأسه. (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) أي رافعي رؤسهم يَنْظُرُونَ فِي ذُلٍّ. وَإِقْنَاعُ الرَّأْسِ رَفْعُهُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْمُقْنِعُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُقْبِلُ بِبَصَرِهِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُ الْإِقْنَاعُ فِي الصلاة «2»

[1] راجع ج 17 ص 130.
(2). الإقناع في الصلاة أن يرفع المصلى رأسه حتى يكون أعلى من ظهره. [ ..... ]
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست